**معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: قائدٌ أسسَ دولةً**
في قلب مكة المكرمة، وقبل بزوغ فجر الإسلام، ولد فتى نبيه من أسرة بني أمية العريقة، عُرف بذكائه وفطنته، هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه. لم يكن طريقه إلى الإسلام مُمهدًا بالورود، بل كان مليئًا بالتحديات. فقد كان والده أبو سفيان زعيمًا لقريش وأحد أشد المعارضين للدعوة النبوية في بدايتها.
---
**إسلامه: من الخصومة إلى الصحابة**
أسلم معاوية رضي الله عنه عام الفتح (٨ هـ) مع أبيه وأمه هند بنت شريط، دخل قبل النبي صلى الله عليه وسلم مكة، وكتب له النبي أن يكون **"كَاتِب وَحْيِهِ"** لِما تميز به من فصاحةٍ وذكاء. بالرغم من قصر فترة صحبته للنبي، إلا أنه حفظ الكثيرمن الاحاديث، ولم يكن لديه من **حِلْماء الصحابة** وذو الرأي.
---
**جهاده وإدارته: من الشام إلى الخلافة**
- **في عهد الخلفاء الراشدين**:
لكن، شاء الله أن يفتح قلبه للإسلام في عام الفتح، العام الذي دخل فيه النبي صلى الله عليه وسلم مكة منتصرًا. كان إسلام معاوية رضي الله عنه صادقًا ومخلصًا، وسرعان ما أظهر تفوقًا في فهم الدين واستيعابه. لاحظ النبي صلى الله عليه وسلم ذكاءه وقدرته على الكتابة، فجعله من كتّاب الوحي، الذين يسجلون كلام الله وآياته. يا له من شرف عظيم!
- **الفتنة الكبرى**:
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، استمر معاوية رضي الله عنه في خدمة الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين. في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، تولى معاوية ولاية الشام، وهي منطقة شاسعة ومهمة. أظهر معاوية رضي الله عنه حكمة بالغة في إدارة الشام، وحنكة سياسية جعلته محبوبًا من أهلها. كان يتميز بالصبر والحلم، ويُعرف عنه الدهاء السياسي الذي استخدمه في خدمة الإسلام.
---
**تأسيس الدولة الأموية: حُكمٌ بالحكمة**
بفي فترة الفتنة التي عصفت بالأمة الإسلامية بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، لعب معاوية رضي الله عنه دورًا محوريًا. وبعد فترة من الأحداث المتلاحقة، استقر الأمر على مبايعة معاوية رضي الله عنه بالخلافة. تولى الخلافة في فترة عصيبة، لكنه بحكمته وسياسته استطاع أن يوحد الأمة من جديد، ويقضي على الفتن الداخلية.
---
**من حكمه وأقواله**
- **«لتميزت فترة خلافة معاوية رضي الله عنه بالاستقرار والازدهار. أسس نظامًا إداريًا محكمًا، واهتم بتنظيم الجيش وتقويته، وأنشأ أول أسطول بحري إسلامي، مما ساهم في توسع الدولة الإسلامية وحماية حدودها. كان معاوية رضي الله عنه رجل دولة من الطراز الرفيع، جمع بين الحزم واللين، والسياسة والحكمة.
---
**وفاته وإرثه**
ترغم ما قد يُثار حول بعض الأحداث في فترة خلافته، يظل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه صحابيًا جليلاً، وكاتبًا للوحي، وخليفة مسلمًا حكم بالعدل والحكمة في فترة صعبة من تاريخ الأمة. لقد ترك بصمة واضحة في التاريخ الإسلامي، وأثرًا لا يُنكر في بناء الدولة الإسلامية وتوسيعها.
رحم الله معاوية بن أبي سفيان ورضي عنه، وجزاه خير الجزاء على ما قدم للإسلام والمسلمين.


