سيطرة المصطفى الجزئ 5


السيرة النبوية العطر: كاهنة ثرب وعبد الله الذبيح

 



1. زيارة الكاهنة


عندما أخبر عبد المطلب الكاهنة بالأمر، طلبت منهم أن يمهلوها ولطيفا منها في الغد، حتى يأتيها قرينها لتسأله. (كان الكهنة والعرافونون مع الجن، حيث تسأل الكاهنة قرينها، وهو الجني الذي وفر له). فتركها القوم ورجعوا.


2. عبد المطلب وقلقه على ابنه


عبد المطلب، جد النبي صلى الله عليه وسلم، ولد في ثرب (المدينة المنورة) يتيم الأب عند أخاله من بني النجار. كان من عادته أن يزور أخواله ويتجول في أسواق المدينة عندما يصل إليها. لكن في هذه المرة، بعد خروجهم من عند الكاهنة، لم يعود عبد المطلب معهم أخواله ولم يتجول في الوضوح، بل كان مشغول البال بمصير ابنه عبد الله، فقام يتضرّع ويدعو الله أن يوفقه لما يرضاه.


3. نصيحة الكاهنة


وفي اليوم التالي، رجعوا إلى الكاهنة، فقال لهم: "قد جاءني الجواب. كم دية الرجل عندكم إذا قتل؟" (رجل أي إذا قتل منكم رجلًا آخر، كم يدفع ديته مقابل أن يرضى عنه).
فقالوا: "نعطيهم عشرة من الإبل".
فقال الكاهنة: "إذًا قدموا صاحبكم (تعبد الله) الأياديوا عشرة من الإبل، واطرحوا القدح (أي اكتبوا اسم عبد الله على القدح الأول، وأي اكتبوا عشرة من الإبل، ثم اجروا القرعة). وضربوا عليها وعلى صاحبكم القدح، فارتدوا عليه، فإن زيدوا من الإبل عشرة. وبعد ذلك وإن كان باسم عبد الله، يجب عليكم أن يكونوا عشرة وتعيدوا القرعة)."

فسأل عبد المطلب: "وإن عليه مرة أخرى، ماذا فعل؟"
فقالت الكاهنة: "زيدوا عشرة ثم عشرة حتى تخرج القرعة على الإبل، حتى يرضي ربكم ويفدى هذا الغلام. ولا تترددوا، وأعلم أنك ستنال رضا الآلهة ونجاة صاحبك."


4. النبي صلى الله عليه وسلم وابن الذبيحين


فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا ابن الذبيحين". والمقصود بذلك أبوه عبد الله، وأبوه الثاني إسماعيل عليه السلام. عندما رأى إبراهيم خليل الله عليه السلام رؤية تأمره بذبح ابنه إسماعيل، صدق الرؤيا وهمّ بذبحه، ففداه الله بذبح عظيم. فجد النبي صلى الله عليه وسلم، نبي الله إسماعيل عليه السلام، هو الذبيح الأول، وأبوه عبد الله هو الذبيح الثاني.


5. فرحة قريش بالفداء


فرحت قريش جميعا، وأصبحت تقرأ صوتها وتتفاخر بالكرم والسخاء والنخوة. ويصيحون بأعلى أصواتهم: "واللات والعزى، ولن فددي عبد الله وإن لم يبقَ في مكة إبل."


6. العودة إلى مكة والقرعة


ورجعوا إلى مكة، وكان الناس فيها حزينين ومضطربين، لأن عبد الله كان من أحب الناس فعلا، وكان أجمل شباب قريش وأكرمهم خلقا. كيف سيذبح؟ فشاع القلق والحزن في مكة.

اجتمع الناس وأحضروا عشرة من الإبل، وتقدموا عبد الله وأبرزوا عشرة من الإبل، وطرحوا القدح، فخرج السهم على عبد الله. فأضافوا عشرة أخرى، فخرجوا على عبد الله مرة أخرى. فألحقوا عشرة أخرى، فخرجت حلمات على عبد الله مرة ثالثة. فما يقدروا يزيدون عشرة فوق عشرة، حتى الإبل مئة على التمام.

عندما جمدت الإبل مئة، تخلصت من الجواهر على الإبل، فصرخت قريش بصوت عالٍ: "قد رضي ربك يا عبد المطلب."
فقال عبد المطلب: "لا."
فقالوا: "لِمَ لا يا سيد قومي؟"
فقال عبد المطلب: "حتى أضرب القدح ثلاث مرات، فإن المهم على الإبل ثلاث مرات، وأن ربي قد رضي. وإلا فلابد من ذبح الولد."
فقالوا: "كما تريد".

فقاموا بالقرعة ثلاث مرات، وفي كل مرة كانت القرعة تخرج على الإبل. فقال عبد المطلب: "الآن اطمأن قلبي، وأن ربي قد رضي".


7. فداء عبد الله


وكان فداء عبد الله مئة من الإبل. فنحروا الإبل وأعلنها عبد المطلب طعام الناس والسباع والوحوش في الجبال، ولم يمنع عنها أحد. فرحت قريش بفداء عبد الله فرحت عظيمًا. ثم أخذ عبد المطلب بيد ابنه عبد الله وسار نحو الكعبة.

الأنوار المحمدية

صلى الله عليه وسلم.



......يتبع ان شاء الله

تعليقات